مرض هشاشة العظام: أعراضه وكيفية تشخيصه

لا مفر من الحوادث – كالتزحلق والسقوط أو غيرها - التي ممكن أن تؤدي إلى كسور العظام من الأمور. ولكن متى تكون مثل هذه الكسور مجرد نتيجة مؤسفة للصدفة والظروف، ومتى تكون علامة على أن العظام أصبحت أضعف مما ينبغي؟

توضح الدكتورة ليلى طبطبائي، أخصائية الغدد الصماء في مستشفى هيوستن ميثوديست: "تحدث هشاشة العظام عندما لا يُواكِب خَلْق عظام جديدة فَقْد العظام القديم، مما يؤدي إلى زيادة قابلية كسر العظام".  وتعد مشكلة شائعة، خاصة بين النساء. ففي الواقع، ستصاب إمرأة من كل اثنتين فوق سن الخمسين، بكسر سببه هشاشة العظام خلال حياتها. وعند الرجال الاحتمالات أفضل، إذ يصاب واح ما أربع رجال فوق سن الخمسين بكسر سببه هشاشة العظام.

ويعد كسر الورك مثال معروف لكسر العظام الذي يغير حياة الشخص، ويمكن أن يهدد استقلاله. ويمكن أن يؤدي كسر الورك إلى مضاعفات طبية كبيرة ويقلل من جودة الحياة، فضلاً عن زيادة الاكتئاب والقلق بعد الإصابة بالكسر. وتقول د.طبطبائي "من المهم تشخيص وعلاج هشاشة العظام، لأن أعلى خطر للكسور يكون عندما تنخفض كثافة العظام بشكل نشط. إذا تم اكتشاف هشاشة العظام مبكرًا، فهناك العديد من التدابير المتعلقة بنمط الحياة والتغذية، التي يمكن اتخاذها لتحسين صحة العظام. كما أن أدوية هشاشة العظام قطعت شوطًا طويلاً، مع آثار جانبية ومخاطر صحية أقل من الماضي".

كيف يتم تشخيص هشاشة العظام؟ وهل هناك أعراض يجب الانتباه إليها؟ تشرح د. طباطبائي كل ما تحتاج إلى معرفته حول اكتشاف هشاشة العظام وتصحيحها.

ما هو مرض هشاشة العظام؟

قد تبدو العظام التي تعمل كإطار للأعضاء والعضلات والأنسجة الأخرى، وكأنها أجزاء ثابتة لا تتغير في الجسم. ولكن هذا ليس صحيحًا تمامًا. فالعظام هي أنسجة حية، وجسمك يكسر العظام القديمة باستمرار ويعيد بناء أنسجة عظام الجديدة. وعندما تتحلل العظام بسرعة أكبر من تكوينها، يحدث فقدان العظام.

تقول د. طباطبائي: " انخفاض كثافة العظام (Osteopenia) هي مقدمة لهشاشة العظام. ومع ذلك، يمكن أن تحدث كسور الهشاشة لدى المرضى الذين يعانون من انخفاض كثافة العظام أو هشاشة العظام. وذلك لأن هناك عوامل أخرى غير كثافة العظام تتنبأ بخطر الكسر، بما في ذلك العمر، وتكرار السقوط، والتاريخ العائلي لكسر الورك، والتدخين، والإفراط في تناول الكحول والعديد من العوامل الأخرى".

من الناحية المثالية، يتم اكتشاف المشكلة في مرحلة مبكرة من خلال فحص هشاشة العظام، وتحديدًا اختبار كثافة العظام. يمكن استخدام العديد من تدابير نمط الحياة للمساعدة في تثبيت كثافة العظام، ومنع المزيد من فقدان كثافة العظام. وإلا، فإن هشاشة العظام ستتطور في النهاية. يحدث هذا عندما تصبح العظام رقيقة وضعيفة وهشة لدرجة أنها أكثر عرضة للكسر، حتى عندما تتعرض لضغط خفيف، مثل الانحناء لالتقاط كيس من البقالة أو رفع طفل صغير.

ما هي العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام؟

هناك عدد من العوامل التي تساهم في هشاشة العظام. أولاً، يتباطأ نمو العظام بشكل طبيعي مع تقدم العمر. وكلما تقدمت في العمر، زادت احتمالية فقدان العظام. ومع ذلك، هناك العديد من العوامل الأخرى التي تسرع من هذا الفقدان.

أهم أسباب هشاشة العظام هو انقطاع الطمث، الأمر الذي يعد السبب في انتشار هشاشة العظام بين النساء أكثر مقارنة بالرجال. وتقول د. طبطبائي: "يمكن أن يؤدي انخفاض إنتاج هرمون الاستروجين، إلى فقدان العظام بمعدل 1٪ -3٪ سنويًا خلال السنوات الخمس الأولى بعد انقطاع الطمث. وهذا مهم حقًا ولهذا السبب نوصي النساء بإجراء اختبار كثافة العظام في وقت انقطاع الطمث".

يمكن أن يصاب الرجال بهشاشة العظام أيضًا، ولهذا السبب من المهم التعرف على العوامل الشخصية والطبية ونمط الحياة الأخرى التي تؤدي إليها.

تشمل عوامل الخطر لهشاشة العظام: 

  • التقدم في السن - الغالبية العظمى من الأشخاص المصابين بهشاشة العظام هم فوق سن الخمسين.
  • بعد انقطاع الطمث - تؤدي مستويات هرمون الاستروجين المنخفضة إلى فقدان العظام لدى النساء.
  • العرقية – نعد هشاشة العظام أكثر شيوعًا لدى النساء البيض والآسيويات.
  • هيكل الجسم الصغير أو وزن الجسم المنخفض - كالعضلات، تنمو العظام أقوى عند تعرضها للوزن.
  • التدخين و/أو الإفراط في تناول الكحول.
  • انخفاض هرمون التستوستيرون لدى الرجال - يلعب هذا الهرمون الجنسي دورًا مهمًا في الحفاظ على العظام.
  • بعض الأدوية - مثل استخدام الستيرويدات على المدى الطويل بعد زراعة الأعضاء.
  • بعض المشاكل الصحية - تشمل الأمثلة التهاب المفاصل الروماتويدي وتليف الكبد وأمراض الكلى والحالات أو العلاجات، التي تؤثر على امتصاص العناصر الغذائية (مثل المجازة المعدية، ومرض الاضطرابات الهضمية).

    ما هي أعراض هشاشة العظام التي يجب الانتباه إليها؟

    لسوء الحظ، لا توجد أي أعراض واضحة لهشاشة العظام. فهي لا تسبب الألم، حتى حدوث كسر في العظام، وهذا هو السبب في أن الحالة يمكن أن تكمن بصمت في الجسم. لا يدرك العديد من الأشخاص أنهم مصابون به حتى يتعرضوا لكسر، مثل كسر في الرسغ أو كسر في الورك. ولهذا السبب تؤكد د. طباطبائي على أهمية معرفة عوامل الخطر لهشاشة العظام وإجراء الفحص إذا أوصى طبيبك بذلك.

    على الرغم من ذلك، توجد أحيانًا علامات تحذيرية لهشاشة العظام، وتشمل:

  • انحناء غير طبيعي للأمام في العمود الفقري العلوي - يُعرف باسم الحداب. ويحدث هذا عندما يؤدي هشاشة العظام إلى كسور ضغط دقيقة في العمود الفقري الصدري والقطني، مما يؤدي إلى انحناء دائم في الكتفين والرقبة.
  • آلام أسفل الظهر المزمنة - تحدث عندما يؤدي هشاشة العظام إلى كسور ضغط فقرية، التي يتم اكتشافها عادةً أثناء التصوير النخاعي للتحقيق في آلام الظهر التي لا تزول.
  • كسر منخفض الصدمة - يُطلق عليه أيضًا "كسر الهشاشة"، وهو كسر عظمي يحدث بعد السقوط من ارتفاع الوقوف أو أقل ودون حدوث أي صدمة كبيرة.

    يمكن أن يكون لكل من الحداب وآلام أسفل الظهر المزمنة أسباب أخرى، لذا يلزم إجراء فحص مفصل لتحديد ما إذا كانت هذه الأعراض ناجمة عن هشاشة العظام، أو شيء آخر. من ناحية أخرى، فإن الكسر الناتج عن الهشاشة هو تشخيص لهشاشة العظام، على الرغم من أنه يجب تحديد الكسر بشكل صحيح على أنه كسر منخفض الصدمة.

    إذا لاحظت أيًا من هذه العلامات، أو كان لديك عامل واحد أو أكثر من عوامل الخطر المذكورة أعلاه، اسأل طبيبك عما إذا كان من الممكن أن تستفيد من اختبار كثافة العظام.

    فحص هشاشة العظام: من يجب أن يقوم بإجراء اختبار كثافة العظام؟

    اختبار فحص كثافة المعادن في العظام، والذي يُشار إليه أيضًا باسم فحص DXA، هو الطريقة الأساسية لفحص وتشخيص ومراقبة هشاشة العظام. وتقول د. طبطبائي: "فحص DXA هو اختبار أشعة سينية منخفض الإشعاع للغاية. يستلقي المريض على طاولة الفحص بمساعدة الفني، ويستغرق جزء التصوير بضع دقائق فقط. عادةً، يتم فحص الوركين والعمود الفقري أثناء الأشعة السينية، ولكن في بعض الأحيان نقوم بتصوير الساعد أيضًا".

    يقيس فحص DXA كثافة المعادن في العظام، ويُعرف باسم تي-سكور (T-score). كلما انخفض الرقم الموجود في تقرير DXA، كلما كانت العظام أضعف. نظرًا لأن الاختبار نفسه يعتمد بشكل كبير على المشغل، فإن الحصول على فحص DXA عالي الجودة يتطلب منشأة خضع فيها فني فحص كثافة المعادن في العظام لتدريب وشهادة متخصصة.

    وتقول د. طبطبائي: "نظرًا لمدى شيوع هشاشة العظام مع تقدم النساء في السن، فإننا نوصي جميع النساء بإجراء فحص DXA في وقت انقطاع الطمث أو سن الخمسين، أيهما يأتي أولاً. بالنسبة للرجال، فإن التوصية هي إجراء الفحص في سن 65 عامًا تقريبًا، أو قبل ذلك إذا كانت عوامل خطر الإصابة بهشاشة العظام موجودة".

    إذا كانت نتائج فحص DXA طبيعية، فلا حاجة للمزيد من الاختبارات لمدة خمس سنوات - ما لم تتغير الظروف السريرية وازدادت المخاطر.

    العناية الذاتية بمرضى هشاشة العظام ومتى تكون هناك حاجة إلى الأدوية

    لا يستغرق فحص DXA سوى بضع دقائق، وتكون النتائج فورية.

    تقول د. طباطبائي: "ننظر إلى الأرقام، وإذا كانت في نطاق انخفاض كثافة العظام أو هشاشة العظام، فإننا نناقش الخطوات اللازمة لإبطاء فقدان العظام. ويشمل ذلك تدابير نمط الحياة وتناول الكالسيوم، ولكن يمكن أن يشمل أيضًا الأدوية الموصوفة إذا كانت هشاشة العظام شديدة، أو كان خطر الإصابة بالكسور مرتفعًا بشكل كبير".

    تشمل تدابير نمط الحياة التي يمكن أن تساعد في إبطاء فقدان العظام ومنع الكسور الناجمة عن هشاشة العظام، ما يلي:

  • ممارسة تمارين تحمل الوزن من ثلاثة إلى خمسة أيام في الأسبوع. تساعد التمارين التي يتم أداؤها أثناء الوقوف، مثل تمارين المقاومة، والمشي، أو استخدام جهاز المشي البيضاوي (elliptical) أو صعود السلالم، في الحفاظ على كثافة العظام. أما السباحة وركوب الدراجات فلا يساعدان في ذلك، حيث يتم دعم وزن الجسم عن طريق الماء أو الدراجة.
  • تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم. ينصح بتناول 1000 ملجم من الكالسيوم يوميًا عن طريق الطعام الذي تتناوله. وتشمل الخيارات الجيدة منتجات الألبان (الحليب والزبادي والجبن والآيس كريم)، بالإضافة إلى الحليب النباتي المدعم (حليب اللوز وفول الصويا والشوفان) وعصير البرتقال المدعم بالكالسيوم.
  • المكملات الغذائية عند الحاجة. يمكنكم تكملة نظامكم الغذائي بما يصل إلى 600 ملجم من الكالسيوم يوميًا، من خلال أقراص أو كبسولات أو أقراص قابلة للمضغ، ولكن فقط إذا كنت لا تحصل على 1000 ملجم من الكالسيوم يوميًا من نظامك الغذائي.
  • الحد من استهلاك الكحول. إما تجنب الكحول تمامًا أو الاقتصار على مشروب واحد يوميًا.
  • التوقف عن التدخين إذا كنت تدخن.
  • سلامة المنزل. ويتضمن ذلك التأكد من أن السجاد لا يشكل خطر التعثر، واستخدام بطانة مانعة للانزلاق للسجاد الموضوع على الخشب أو البلاط، وتثبيت قضبان الإمساك في الحمام، والاستفادة من الإضاءة الليلية.

وتقول د. طبطبائي "يسألني الناس غالبًا عما إذا كانوا يستطيعون تحسين نسب كثافة العظام لديهم دون أدوية؟ في العموم، أنصحهم بأن تكون توقعاتهم متواضعة. ولكن حتى التحسينات الصغيرة مفيدة لأن أعظم خطر للكسور الناتجة عن هشاشة العظام، يأتي عندما تفقد العظام كثافتها بنشاط. إذا كانت تدابير نمط الحياة كافية لتثبيت الأرقام، فهذه أخبار ممتازة".

يُنصح أحيانًا بالأدوية لتحسين كثافة العظام، ولكن ليس دائمًا. إنه قرار معقد وشخصي للغاية، وتشجع د. طباطبائي استشارة طبيب لديه خبرة في صحة العظام، لتحديد ما إذا كانت الأدوية الموصوفة ضرورية.

وتقول د. طباطبائي: "قد لا يحتاج الشخص الذي يبلغ من العمر 50 أو 60 عامًا، ويمارس نشاطًا كبيرًا ولكنه يعاني من هشاشة العظام في مرحلة مبكرة، إلى أدوية. بينما يستفيد الشخص الذي يبلغ من العمر 70 أو 80 عامًا ويعاني من هشاشة العظام وعوامل خطر أخرى، أو مشاكل في التوازن أو خطر سقوط أعلى، من أدوية بناء العظام أو الح