أثر الحمية على فرط نشاط المثانة

فرط نشاط المثانة هو حالة شائعة لدى كبار السن، حيث تؤثر على حوالي 30% من الرجال و40% من النساء. وقد يكون عدد الأشخاص المصابين بهذه الحالة أعلى من ذلك، ولكن الشعور بالقلق يمنع الكثيرين من التحدث عن الموضوع.

وقد تبدأ النساء في الشعور بأعراض فرط نشاط المثانة في فترة ما قبل انقطاع الطمث وعند انقطاعه.

وقد يبدو بديهيًا أن ما نشربه وبأي كمية، يمكن أن يؤثر على مثانتنا ونشاطها. ولكن هل يمكن لنظامنا الغذائي أن يؤثر على مثانتنا؟ وهل هنالك نظام غذائي خاص للتعامل مع فرط نشاط المثانة؟

ما هو فرط نشاط المثانة؟

فرط نشاط المثانة هو مجموعة من الأعراض التي تشمل الرغبة المفاجئة في التبول، والاستيقاظ من النوم عدة مرات في الليل للتبول، والشعور بالحاجة إلى التبول بشكل متكرر، وأحيانًا حدوث تسرب للبول أو فقدان للبول بشكلٍ غير مقصود، والذي يسمى بسلس البول الإلحاحي.

وتقول الدكتورة دانييل أنتوش، أخصائية أمراض النساء والمسالك البولية في مستشفى هيوستن ميثوديست: "ما يحدث هو وجود عضلة مثانة مفرطة النشاط، وإشارة عصبية غير متطابقة بين المثانة والدماغ. لذا عندما تصل مثانتك إلى نقطة الامتلاء أو الإلحاح، قد يحدث تشنج في المثانة قبل دخولك الحمام، مما قد يسبب شعورًا قويًا بالإلحاح لدخول للحمام، وأحيانًا قد يتسرب البول لا إراديا. ويمكن أن يكون فرط نشاط المثانة أمرًا مرهقًا للغاية".

 وتشرح د. أنتوش أنه قد لا تعرف النساء أبدًا متى قد تظهر هذه الرغبات. فقد تكون اندفاعًا عاجلاً إلى الحمام، أو قد يحدث تسرب للبول. فبعض النساء يشعرن بالانزعاج الشديد لدرجة أنهن يجب أن يعرفن مكان كل حمام، أو قد يجدن صعوبة حتى في الخروج اجتماعيًا بسبب القلق من عدم معرفة موقع الحمامات في الأماكن التي يزرّنها.

هل يمكنك معالجة فرط نشاط المثانة طبيعيا من خلال حمية غذائية؟

قد يكون تغيير النظام الغذائي (أي ما يتم شربه أو أكله)، في كثير من الأحيان الخطوة الأولى لمعالجة المثانة مفرطة النشاط. وتقول د. أنتوش: "في بعض الحالات، يمكن السيطرة على فرط نشاط المثانة بالعلاج المحافظ (conservative treatment) والتعديلات السلوكية الغذائية. ولا أستطيع أن أقول إنها مناسبة للجميع، لكن تغيير بعض السوائل والنظام الغذائي يمكن أن يكون له تأثير على التعامل مع فرط نشاط المثانة".

من المهم أن تعرفي أنه لا يوجد نظام غذائي سحري متساوي للجميع للتعامل مع المثانة مفرطة النشاط. فما يزعج مثانة شخص ما، قد لا يؤثر على مثانة شخص آخر.

ما هي الأطعمة التي تهيج المثانة؟

تقول د. أنتوش: "هناك بعض المهيجات التي يمكن أن تكون مزعجة بشكل خاص للمثانة، وقد تسبب التبول بشكل أكثر إلحاحًا وتكرارًا، مما يؤدي إلى تفاقم فرط نشاط المثانة".

وتنصح د. أنتوش محبي القهوة والمشروبات الغازية الذين يعانون من فرط نشاط المثانة، بالابتعاد عنها. وذلك لأن الكافيين والكربونات والمحليات الصناعية كلها مهيجات شائعة، يمكن أن تجعل الأمور أكثر سوءً. وتتوفر هذه المهيجات الثلاثة المزعجة على نطاق واسع في القهوة والشاي ومشروبات الطاقة والأطعمة قليلة السكر. ومثل الكافيين، تعد الكحول مادة مدرة للبول، وهي مادة تجعل الكلى تنتج المزيد من البول، لذلك فهي أيضًا مرتبطة بفرط نشاط المثانة.

وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من عدم الراحة والألم مع امتلاء المثانة، وليس مجرد التردد المتكرر إلى الحمام، توضح د. أنتوش أنه هنالك أشياء أخرى في النظام الغذائي، يمكن أن تؤدي في بعض الأحيان إلى تفاقم أعراض المثانة، كالأطعمة التي تحتوي على الكافيين، والشوكولاتة، والبهارات الحارة، والأطعمة الحمضية، مثل الليمون، والطماطم والحمضيات والأناناس.

وبالتالي، إذا لا تستطيعين بدء يومك دون تناول فنجان من القهوة، هل يجب أن تتخلي عن شرب القهوة للسيطرة على فرط نشاط مثانتك؟ تشير بعض الدراسات إلى وجود ارتباط معتدل بين الكافيين، وغيرها قد لا يدعم هذا الارتباط. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن تناول ما يعادل أو يتجاوز فنجانين من القهوة يوميًا، مرتبط بزيادة نشاط المثانة المفرط. ومع ذلك، تعتقد د. أنتوش أن كل شخص يختلف عن الآخر، ومحاولة تقليل الكافيين وربما التوقف عنه لفترة من الوقت لمعرفة مدى مساعدة ذلك للمثانة المفرطة النشاط، قد يكون أمرا جيدا.

وتقول د. أنتوش إن المشروبات الغازية المحتوية على الكافيين هي مشروب آخر يجب الحد منه أو التخلص منه لفترة وجيزة، لمعرفة ما إذا كان يساعد في علاج أعراضهم. فالمشروبات الغازية المحتوية على الكافيين هي واحدة من أسوأ المشروبات، لأنها تحتوي على غازات ومحليات صناعية والكافيين. جميعها ليست جيدة للمثانة، وهي سيئة لجوانب أخرى من الصحة.

لذا، ليس مفاجأ أن تعلمي أن شرب القهوة أو الشاي أو المشروبات الغازية وحدها فقط، ليست جيدا للمثانة.

وتقول د. أنتوش: "بالنسبة للأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة من المشروبات الغازية التي تحتوي على الكافيين، عليهم تغيير ذلك وفي أقرب فرصة. ما أقترحه هو تجربة نظامًا غذائيًا إقصائيًا، لنرى ما إذا كان التخلص من بعض هذه المهيجات يمكن أن يساعد المثانة بشكل كبير. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فقد لا يزال بإمكانك تناول الشوكولاتة والكافيين باعتدال. ولكن يجب أن نحاول الحد من هذه الأشياء، قبل التفكير في العلاجات والأدوية الأكثر تقدمًا".

ما هو أفضل مشروب لفرط نشاط المثانة؟

توصي د. أنتوش المرضى الذين يعانون من مثانة مفرطة النشاط، شرب الماء بدلًا من الأنواع الأخرى من المشروبات، والتفكير في الكمية التي يستهلكونه طوال اليوم.

وتقول د. أنتوش: "أحيانًا، يشرب الناس كميات زائدة من السوائل، لأنه قيل لهم إنهم بحاجة إلى شرب أكثر من ثمانية أكواب من الماء يوميًا. ولكن إذا كنت تعاني من مثانة مفرطة النشاط، فسيؤدي ذلك إلى زيادة في الأعراض. لذا حافظوا على ترطيب جسمكم، ولكن حاولوا أيضاً الحد من السوائل قليلاً حتى لا تفرطوا في شربها".

وتوصي د. أنتوش مرضاها بشرب ما يصل إلى 64 أونصة (1.9 ليتر) من الماء يوميًا، ما لم يمارسوا تمارين قاسية كالجري، أو ركوب الدراجات، أو المشي لمسافات طويلة، أو الخروج في طقس حار. وتقول د. أنتوش: "نعم، قد نحتاج إلى شرب أكثر من ذلك، إذ نريدكم أن يبقى جسدكم رطبا، ولكن لا تشربوا أكثر مما هو ضروري".

ما هي العلاجات الأخرى المتوفرة للمثانة مفرطة النشاط؟

يعد الحد من المواد المهيجة للمثانة في طعامنا ومشروباتنا، والحد من السوائل خلال اليوم خطوتين أوليتين لتخفيف أعراض المثانة مفرطة النشاط. وتقول د. أنتوش إن التعديلات السلوكية والأدوية والإجراءات الأقل توغلاً، يمكن استكشافها إذا لم يتمكن المرضى من إيجاد الراحة من خلال تغيير العادات.

كم أن تقوية قاع الحوض وإعادة تدريب المثانة هما خياران سلوكيان، يمكن أن يساعدا المرضى على تغيير السيناريو حول عادات الحمام لاستعادة الثقة والسيطرة. وتقول د. أنتوش: "أحيانًا يدخل الناس في دوامة من الذهاب إلى الحمام بشكل متكرر، مما يجعل هذا الفعل متحكما بحياتهم نوعًا ما. مع إعادة تدريب المثانة، نبدأ تدريجيًا في تباعد الوقت بين فترات التبول. لذا نعمل مع أخصائيي العلاج الطبيعي لقاع الحوض، الذين يمكنهم المساعدة في هذه التغييرات السلوكية وتقوية عضلات قاع الحوض لدى المرأة، حتى تتمكن من الوصول إلى الحمام أو تأجيل دخوله، وانتظار هدوء هذه الحاجة الملحة".

وتقول د. أنتوش إن الأدوية متاحة لأولئك الذين يواجهون صعوبة في إدارة أعراضهم من خلال التغييرات الغذائية والسلوكية وحدها. وتعمل هذه الأدوية على استرخاء العضلات الملساء في المثانة، مما قد يخفف من أعراض المثانة مفرطة النشاط. ويمكن للفئة الأحدث من هذه الأدوية، كمنبهات بيتا 3، أن تساعد في زيادة سعة المثانة وكذلك تخفيف الرغبة في التبول. وتقول د. أنتوش إن الأدوية ميرابيجرون وفيبيجرون (mirabegron and vibegron)، تؤخذ يوميًا ولها آثار جانبية أقل من أنواع أخرى من أدوية المثانة.

كما هنالك أيضًا علاجات طفيفة التوغل، متاحة للمثانة مفرطة النشاط، كالبوتوكس وتأثيراته على الصداع النصفي والتجاعيد، الذي يمكن أن يساعد المثانة أيضًا. وتقول د. أنتوش: "يتم حقن البوتوكس في العيادة، ويمكننا القيام بذلك للمساعدة في استرخاء عضلة المثانة مفرطة النشاط. ويتم ذلك من خلال منظار صغير، ونقوم بحقن كميات صغيرة من البوتوكس. ويستمر هذا العلاج عمومًا حوالي ستة أشهر، لذلك إذا نجح ذلك مع المريضة، يمكننا أن نقوم بذلك مرتين في السنة".

كما يعد العلاج بالتحفيز الكهربائي منخفض السعة، الذي يُطلق عليه غالبًا تحفيز الأعصاب، خيارًا آخر للباحثين عن الراحة. وهنالك نوعان متاحان من التحفيز العصبي للمثانة مفرطة النشاط، هما: التحفيز العصبي الظنبوبي عن طريق الجلد (percutaneous tibial nerve stimulation (PTNS)) ، والتعديل العصبي العجزي (sacral neuromodulation).

وتقول د. أنتوش: "يعمل التحفيز العصبي للمثانة على إعادة ضبط الأعصاب مفرطة النشاط، التي تعلمنا بضرورة الذهاب إلى الحمام. ويمكن القيام بذلك إما باستخدام محفز عصبي في أسفل الظهر، أو محفز عصبي في أسفل الكاحل".

متى عليكم مراجعة طبيبكم

تقول د. أنتوش إنه على الرغم من أن فرط نشاط المثانة يمكن أن يحدث في سنوات أصغر، إلا أن العديد من النساء يمكن أن يتوقعن تغيرات في البول في السنوات التي تسبق انقطاع الطمث وبعده. ولكن كون هذه الأعراض يمكن أن تصاحب تقدم العمر، لا يعني أنها شيء يجب التعايش معه.

وتقول د. أنتوش: "هذه المشكلات شائعة، والشيء الرئيسي هو ما إذا كانت تؤثر على جودة حياتك. إذا وصلت إلى النقطة التي تعانين فيها من تسرب، أو تضطرين إلى ارتداء الفوط الصحية، أو بات الذهاب إلى الحمام من أولويتك عند خروجك من المنزل، اطلبي المساعدة من طبيب الرعاية الأولية، أو طبيب أمراض النساء والتوليد، أو أخصائي مثل طبيب المسالك البولية، أو طبيب أمراض نسائية".

كما يمكنك التواصل مع معالجين طبيعيين لقاع الحوض، وتجربة العديد من خيارات العلاج المحافظ، وليس مجرد القيام بتمارين كيجل (kegels). وتضيف د. أنتوش: "في وقت مبكر من عملية العلاج، أشجع الناس على الانتباه إلى ما يتناولونه من أطعمة ومشروبات. نريد دائمًا أن نبدأ بهذه التغييرات السلوكية، ولدينا العديد من خيارات العلاج الأخرى، إذا فشلت العلاجات المحافظة."